للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصتهم مذكورة في جميع كتب التفسير، أعرضنا عنها لأنها إسرائيليات. وفي قيامهم المذكور هنا أقوال أخر كثيرة. والعامل في قوله: {إِذْ} هو {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} حين قاموا.

• قوله تعالى: {فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (١٤)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم ربهم هدى قالوا: إن ربهم هو رب السموات والأرض، وأنهم لن يدعوا من دونه إلهًا، وأنهم لو فعلوا ذلك قالوا شططًا. أي: قولًا ذا شطط. أو هو من النعت بالمصدر للمبالغة؛ كأن قولهم هو نفس الشطط. والشطط: البعد عن الحق والصواب. وإليه ترجع أقوال المفسرين، كقول بعضهم {شَطَطًا (١٤)}: جورًا، تعديًا، كذبًا، خطأً، إلى غير ذلك من الأقوال.

وأصل مادة الشطط: مجاوزة الحد، ومنه: أَشَطَّ في السَّوْم، إذا جاوز الحد؛ ومنه قوله تعالى: {وَلَا تُشْطِطْ} الآية. أو البعد، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:

تشط غدًا دار جيراننا ... وللدار بعد غد أبعد

ويكثر استعمال الشطط في الجور والتعدي، ومنه قول الأعشى:

اتنتَهون ولن ينهى ذوي شططٍ ... كالطعن يذهبُ فيه الزيتُ والفُتُلُ

وهذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن من أشرك مع خالق السموات والأرض معبودًا آخر، فقد جاء بأمر شططٍ بعيد عن الحق والصواب، في غاية الجور والتعدي. لأن الذي يستحق