للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما طاب وصلح لأن يجنى فيؤكل. وعن أبي عمرو بن العلاء: أن الجني هو الذي لم يجف ولم ييبس، ولم يبعد عن يدي متناوله.

• قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)}.

قائل هذا الكلام لمريم هو الذي ناداها من تحتها ألا تحزني. وقد قدمنا الخلاف فيه؛ هل هو عيسى، أو جبريل، وما يظهر رجحانه عندنا من ذلك.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} قيل أمرت أن تقول ذلك باللفظ. وقيل أمرت أن تقوله بالإشارة. وكونها أمرت أن تقوله باللفظ هو مذهب الجمهور؛ كما قاله القرطبي وأبو حيان، وهو ظاهر الآية الكريمة؛ لأن ظاهر القول في قوله تعالى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ ... } الآية. أنه قول باللسان. واستدل من قال: إنها أمرت أن تقول ذلك بالإشارة بأنها لو قالته باللفظ أفسدت نذرها الذي نذرته ألا تكلم اليوم إنسيًّا، فإذا قالت لإنسي بلسانها: إني نذرت للرحمن صومًا، فقد كلمت ذلك الإنسي فأفسدت نذرها. واختار هذا القول الأخير لدلالة الآية عليه ابن كثير رحمه الله، قال في تفسير هذه الآية: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)}: المراد بهذا القول الإشارة إليه لذلك، لا أن المراد القول اللفظي لئلا ينافي {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)}. وأجاب المخالفون عن هذا بأن المعنى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)} بعد قولي: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} فقد رأيت كلام العلماء في الآية، وأن القول الأول يدل عليه ظاهر السياق،