للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (٦٨)}.

قوله تعالى: ننكسه في الخلق، أي: نقلبه فيه، فنخلقه على عكس ما خلقناه من قبل، وذلك أنا خلقناه على ضعف في جسده، وخلو من عقل وعلم، ثم جعلناه يتزايد وينتقل من حال إلى حال، ويرتقي من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ أشده، ويستكمل قوته، ويعقل ويعلم ما له وما عليه، فإذا انتهى نكسناه في الخلق، فجعلناه يتناقص حتى يرجع في حال شبيهة بحال الصبي في ضعف جسده وقلة عقله وخلوه من العلم. وأصل معنى التنكيس: جعل أعلا الشيء أسفله.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} الآية. وقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥)} الآية. على أحد التفسيرين، وقوله تعالى في الحج: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} وقوله تعالى في سورة النحل: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} وقوله تعالى في سورة المؤمن: {ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا}.

وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة النحل.

وقرأ هذا الحرف عاصم، وحمزة: ننكسه بضم النون الأولى، وفتح الثانية وتشديد الكاف المكسورة من التنكيس، وقرأه الباقون بفتح النون الأولى، وإسكان الثانية، وضم الكاف مخففة مضارع