في الجبن عار، وفي الإقدام مكرمة ... والمرء في الجبن لا ينجو من القدر
وهذا هو المراد بالآيات المذكورة، ويؤخذ من هذه الآية عدم جواز الفرار من الطاعون إذا وقع بأرض وأنت فيها، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الفرار من الطاعون، وعن القدوم على الأرض التي هو فيها إذا كنت خارجا عنها.
تنبيه: لم تأت لفظة "أَلَمْ تَرَ" ونحوها في القرآن مما تقدمه لفظ أَلَمْ معداة إلا بالحرف الذي هو إِلَى. وقد ظن بعض العلماء أن ذلك لازم، والتحقيق عدم لزومه، وجواز تعديته بنفسه دون حرف الجر، كما يشهد له قول امرئ القيس:
ألم ترياني كلما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيب
• قوله تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} لم يبين هنا قدر هذه الأضعاف الكثيرة، ولكنه بين في موضع آخر أنها تبلغ سبعمائة ضعف، وتزيد عن ذلك. وذلك في قوله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}.
• قوله تعالى:{وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} لم يبين هنا شيئا مما علمه، وقد بين في مواضع أخر مما علمه صنعة الدروع كقوله:{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} الآية، وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}.