هذه الآية الكريمة والآيات التي بعدها تدل على أن جدال الكفار المذكور في قوله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ} يدخل فيه جدالهم في إنكار البعث، زاعمين أنه جل وعلا لا يقدر أن يحيي العظام الرميم، سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا، كما قال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَال مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} وكقوله تعالى عنهم: {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩)} وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥)} ونحو ذلك من الآيات كما قدمنا الإِشارة إليه قريبًا.
ولأجل ذلك أقام تعالى البراهين العظيمة على بعث الناس من قبورهم أحياء إلى عرصات القيامة للحساب، والجزاء فقال جل وعلا:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} فمن أوجدكم الإِيجاد الأول، وخلقكم من التراب، لا شك أنه قادر على إيجادكم، وخلقكم مرة ثانية بعد أن بليت عظامكم، واختلطت بالتراب؛ لأن الإِعادة لا يمكن أن تكون أصعب من ابتداء الفعل،