ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الله خلق الخلق، وجعل منهم فريقًا سعداء وهم أهل الجنة، وفريقًا أشقياء وهم أصحاب السعير، جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}، وقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} أي ولذلك الاختلاف إلى مؤمن وكافر وشقي وسعيد خلقهم، على الصحيح، ونصوص الوحي الدالة على ذلك كثيرة جدًّا.
وقد ذكرنا في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، وجه الجمع بين قوله:{وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} على التفسير المذكور، وبين قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}، وسنذكر ذلك إن شاء الله في سورة الذاريات.
وقد قدمنا معنى السعير بشواهده العربية في أول سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: {وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٤)}.
والجنة في لغة العرب: البستان. ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
كأن عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَلَةٍ ... من النواضح تسقي جنة سُحُقا
فقوله: جنة سحقًا، يعني بستانًا طويل النخل.
وفي اصطلاح الشرع: هي دار الكرامة التي أعد الله لأوليائه يوم القيامة.