للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو نحو ذلك. والمعنى: أنه يأخذ حزمة فيها مائة عود فيضربها بها ضربة واحدة، فيخرج بذلك من يمينه. وقد قدمنا في سورة "الكهف" الاستدلال بآية {وَلَا تَحْنَثْ} على أن الاستثناء المتأخر لا يفيد؛ إذ لو كان يفيد لقال الله لأيوب: قل إن شاء الله؛ ليكون ذلك استثناء في يمينك.

• قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)}.

أي: واذكر ذا النون. والنون: الحوت. {وَذَا} بمعنى صاحب. فقوله: {وَذَا النُّونِ} معناه صاحب الحوت؛ كما صرح الله بذلك في "القلم" في قوله: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} الآية. وإنما أضافه إلى الحوت لأنه التقمه كما قال تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)}.

وقوله: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ} فيه وجهان من التفسير لا يكذب أحدهما الآخر.

الأول: أن المعنى {لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ} أي: لن نضيق عليه في بطن الحوت. ومن إطلاق "قدر" بمعنى "ضيق" في القرآن قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي: ويضيق الرزق على من شاء، وقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} الآية. فقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ} أي ومن ضيق عليه رزقه.