أو نحو ذلك. والمعنى: أنه يأخذ حزمة فيها مائة عود فيضربها بها ضربة واحدة، فيخرج بذلك من يمينه. وقد قدمنا في سورة "الكهف" الاستدلال بآية {وَلَا تَحْنَثْ} على أن الاستثناء المتأخر لا يفيد؛ إذ لو كان يفيد لقال الله لأيوب: قل إن شاء الله؛ ليكون ذلك استثناء في يمينك.
أي: واذكر ذا النون. والنون: الحوت. {وَذَا} بمعنى صاحب. فقوله:{وَذَا النُّونِ} معناه صاحب الحوت؛ كما صرح الله بذلك في "القلم" في قوله: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} الآية. وإنما أضافه إلى الحوت لأنه التقمه كما قال تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)}.
وقوله:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ} فيه وجهان من التفسير لا يكذب أحدهما الآخر.
الأول: أن المعنى {لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ} أي: لن نضيق عليه في بطن الحوت. ومن إطلاق "قدر" بمعنى "ضيق" في القرآن قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي: ويضيق الرزق على من شاء، وقوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} الآية. فقوله:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيهِ رِزْقُهُ} أي ومن ضيق عليه رزقه.