وكبائر الرجل الصغير صغائر ... وصغائر الرجل الكبير كبائر
تنبيه
هذه الآية الكريمة أوضحت غاية الإيضاح براءة نبينا - صلى الله عليه وسلم - من مقاربة الركون إلى الكفار، فضلًا عن نفس الركون؛ لأن {وَلَوْلَا} حرف امتناع لوجود، فمقاربة الركون منعتها {وَلَوْلَا} الامتناعية لوجود التثبيت من الله جل وعلا لأكرم خلقه - صلى الله عليه وسلم -، فصح يقينًا انتفاء مقاربة الركون فضلًا عن الركون نفسه، وهذه الآية تبين ما قبلها، وأنه لم يقارب الركون إليهم ألبتة؛ لأن قوله:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا} أي: قاربت تركن إليهم هو عين الممنوع بـ {وَلَوْلَا} الامتناعية كما ترى. ومعنى {تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ}: تميل إليهم.
قد بينا "في سورة النساء": أن هذه الآية الكريمة من الآيات التي أشارت لأوقات الصلاة؛ لأن قوله:{لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي: لزوالها على التحقيق، فيتناول وقت الظهر والعصر؛ بدليل الغاية في قوله:{إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} أي: ظلامه، وذلك يشمل وقت المغرب والعشاء. وقوله:{قُرْآنَ الْفَجْرِ} أي: صلاة الصبح، كما تقدم إيضاحه وأشرنا للآيات المشيرة لأوقات الصلوات؛ كقوله:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ .. } الآية، وقوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) .. } الآية. وأتممنا بيان ذلك من السنة في الكلام على قوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (١٠٣)} فراجعه هناك إن شئت. والعلم عند الله تعالى.