ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن ما يفتحه للناس من رحمته وإنعامه عليهم بجميع أنواع النعم، لا يقدر أحد كائنًا من كان أن يمسكه عنهم، وما يمسكه عنهم من رحمته وإنعامه لا يقدر أحد كائنًا من كان أن يرسله إليهم. وهذا معلوم بالضرورة من الدين. والرحمة المذكورة في الآية عامة في كل ما يرحم الله به خلقه من الإِنعام الدنيوي والأخروي، كفتحه لهم رحمة المطر، كما قال تعالى:{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}.
وقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} الآية. ومن رحمته إرسال الرسل، وإنزال الكتب، كقوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} كما تقدم إيضاحه في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} الآية.