والدليل على أن المراد بالسجيل: الطين قوله تعالى في الذاريات في القصة بعينها: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤)} وخير ما يفسر به القرآن: القرآن.
والدليل على قوتها وشدتها: أن الله ما عذبهم بها في حالة غضبه عليهم إلَّا لأن النكال بها بالغ شديد. وأيضًا فإن بعض العلماء قالوا: السجيل والسجين: أُختان، كلاهما الشديد من الحجارة والضرب. ومنه قول ابن مقبل:
ورجلة يضربون البيض ضاحية ... ضربًا تواصى به الأبطال سجينًا
وعلى هذا، فمعنى {مِنْ سِجِّيلٍ}: أي من طين شديد القوة. والعلم عند الله تعالى.
في هذه الآية الكريمة ثلاثة أوجه من التفسير للعلماء: اثنان منها كلاهما يشهد له القرآن، وواحد يظهر أنَّه ضعيف.
أما الذى يظهر أنَّه ضعيف فهو أن المعنى: أن تلك الحجارة ليست بعيدة من قوم لوط؛ أي لم تكن تخطئهم. قاله القرطبي وغيره؛ لأن هذا يكفي عنه قوله تعالى:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً} ونحوها من الآيات.
أما الوجهان اللذان يشهد لكل واحد منهما قرآن؛ فالأول منهما: أن ديار قوم لوط ليست ببعيدة من الكفار المكذبين لنبينا؛ فكان عليهم أن يعتبروا بما وقع لأهلها إذا مروا عليها في أسفارهم إلى الشام، ويخافوا أن يوقع الله بهم بسبب تكذيب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -