وقال بعضهم هو حال من (أمر) أي: يفرق فيها بين كل أمر حكيم، في حال كونه أمرًا من عندنا.
وهذا الوجه جيد ظاهر، وإنما ساغ إتيان الحال من النكرة وهي متأخرة عنها؛ لأن النكرة التي هي (أمر) وصفت بقوله: {حَكِيمٍ (٤)} كما لا يخفى.
وقال بعضهم:(أمرًا) مفعول به لقوله: {مُنْذِرِينَ (٣)}.
وقيل غير ذلك.
واختار الزمخشري أنه منصوب بالاختصاص، فقال: جعل كل أمر جزلًا فخمًا بأن وصفه بالحكيمِ، ثم زاده جزالة وأكسبه فخامة بأن قال: أعني بهذا الأمر أمرًا حاصلًا من عندنا، كائنًا من لدنا، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى:{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَينَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} الآية، وفي سورة فاطر في الكلام على قوله تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} الآية.
هذا الذي ادعوه على النبي - صلى الله عليه وسلم - افتراء، من أنه معلَّم، يعنون أن القرآن علمه إياه بشر، وأنه - صلى الله عليه وسلم - مجنون، قد بينا الآيات الموضحة لإِبطاله.