وقوله تعالى:{مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} أي: أي شيء ثبت لهذا الكتاب {لَا يُغَادِرُ} أي لا يترك {صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} أي من المعاصي. وقول من قال: الصغيرة القُبْلة، والكبيرة الزنى، ونحو ذلك من الأقوال في الآية، إنما هو على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر. وللعلماء اختلاف كثير في تعريف الكبيرة معروف في الأصول. وقد صرح تعالى بأن المنهيات منها كبائر. ويفهم من ذلك أن منها صغائر. وبين أن اجتناب الكبائر يكفر الله به الصغائر؛ وذلك في قوله:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} الآية. ويروى عن الفضيل بن عياض في هذه الآية أنه قال: ضجوا من الصغائر قبل الكبائر، وجملة {لَا يُغَادِر} حال من {الْكِتَابِ}.
تنبيه
هذه الآية الكريمة يفهم منها: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ لأنهم وجدوا في كتاب أعمالهم صغائر ذنوبهم محصاة عليهم، فلو كانوا غير مخاطبين بها لما سجلت عليهم في كتاب أعمالهم. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى:{وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنهم في يوم القيامة يجدون أعمالهم التي عملوها في الدنيا حاضرة محصاة عليهم. وأوضح هذا أيضًا في غير هذا الموضع، كقوله:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}، وقوله تعالى:{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ ... } الآية، وقوله: