والمعنى: فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، أي: عبادتها والرجس القذر الذي تعافه النفوس. وفي هذه الآية الكريمة الأمر باجتناب عبادة الأوثان، ويدخل في حكمها، ومعناها عبادة كل معبود من دون الله كائنًا من كان. وهذا الأمر باجتناب عبادة غير الله المذكور هنا جاء مبينًا في آيات، كقوله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وبين تعالى أن ذلك شرط في صحة إيمانه باللَّه في قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} وأثنى الله على مجتنبي عبادة الطاغوت المنيبين للَّه، وبين أن لهم البشرى، وهي ما يسرهم عند ربهم في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} الآية. وقد سأل إبراهيم ربه أن يرزقه اجتناب عبادة الطاغوت في قوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)} والأصنام تدخل في الطاغوت دخولًا أوليًا.
أمر في هذه الآية الكريمة باجتناب قول الزور، وهو الكذب والباطل كقولهم: إن الله حرم البحيرة والسائبة، ونحو ذلك، وكادعائهم له الأولاد والشركاء، وكل قول مائل عن الحق فهو زور؛ لأن أصل المادة التي هي الزور من الازورار بمعنى الميل،