أن تتكلفوا لها مؤونة العلف، كما تقدم إيضاحه بشواهده العربية في سورة النحل، وكقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} الآية، وقوله تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣)} إلى غير ذلك من الآيات.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن الناس ما يتذكر منهم، أي ما يتعظ بهذه الآيات المشار إليها في قوله:{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا}.
{وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣)} أي من رزقه الله الإِنابة إليه.
والإِنابة: الرجوع عن الكفر والمعاصي إلى الإِيمان والطاعة.
وهؤلاء المنيبون، المتذكرون، المتعظون، هم أصحاب العقول السليمة من شوائب الاختلال، المذكورون في قوله تعالى في أول سورة آل عمران: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)}، وفي قوله تعالى في سورة إبراهيم: {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقد دلت آية المؤمن هذه، وما في معناها من الآيات، على أن غير أولي الألباب المتذكرين المذكورين آنفًا، لا يتذكر ولا يتعظ بالآيات، بل يعرض عنها أشد الإِعراض.
وقد جاء هذا المعنى موضحًا في آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)}، وقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ