قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولًا، ويكون في الآية قرينة تدل على عدم صحة ذلك القول. فإنا نبين ذلك. فإذا علمت ذلك.
فاعلم أن هذا الإسراء به - صلى الله عليه وسلم - المذكور في هذه الآية الكريمة. زعم بعض أهل العلم أنه بروحه - صلى الله عليه وسلم - دون جسده زاعمًا أنه في المنام لا اليقظة؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي.
وزعم بعضهم: أن الإسراء بالجسد، والمعراج بالروح دون الجسد. ولكن ظاهر القرآن يدل على أنه بروحه وجسده - صلى الله عليه وسلم - يقظة لا منامًا، لأنه قال:{بِعَبْدِهِ} والعبد عبارة عن مجموع الروح والجسد، ولأنه قال:{سُبْحَانَ} والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام. فلو كان منامًا لم يكن له كبير شأن حتى يتعجب منه. ويؤيده قوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)} لأن البصر من آلات الذات لا الروح، وقوله هنا:{لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}.