تعالى أعلم: أن ما ذكر من إعلام الناس بالحزب الذي هو أحصى أمدًا لما لبثوا، ومساءلة بعضهم بعضًا عن ذلك، يلزمه أن يظهر للناس حقيقة أمر هؤلاء الفتية، وأن الله ضرب على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا، ثم بعثهم أحياء طرية أبدانهم لم يتغير لهم حال. وهذا من غريب صنعه جل وعلا الدال على كمال قدرته، وعلى البعث بعد الموت. ولاعتبار هذا اللازم جعل ما ذكرنا علة غائية، والله تعالى أعلم.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: أنه يقص عليه نبأ أصحاب الكهف بالحق. ثم أخبره مؤكدًا له أنهم فتية آمنوا بربهم، وأن الله جل وعلا زادهم هدى.
ويفهم من هذه الآية الكريمة: أن من آمن بربه وأطاعه زاده ربه هدى؛ لأن الطاعة سبب للمزيد من الهدى والإيمان.
وهذا المفهوم من هذه الآية الكريمة جاء مبينًا في مواضع أخر؛ كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}، وقوله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا .. } الآية، وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} الآية، وقوله:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}، وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ .. } الآية، وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ... } الآية، إلى غير ذلك من الآيات.