أكله عليكم في قوله:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ} الآية، وليس هذا منه.
وما يزعمه كثير من المفسرين من أنه فصله لهم بقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} الآية. فهو غلط؛ لأن قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} من سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل من القرآن بالمدينة، وقوله:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} من سورة الأنعام، وهي مكية، فالحق هو ما ذكرنا. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا} الآية. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه جعل في كل قرية أكابر المجرمين منها ليمكروا فيها، ولم يبين المراد بالأكابر هنا، ولا كيفية مكرهم، وبين جميع ذلك في مواضع أخر: فبين أن مجرميها الأكابر هم أهل الترف والنعمة في الدنيا بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٣٤)} وقوله: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)} ونحو ذلك من الآيات وبين أن مكر الأكابر المذكور: هو أمرهم بالكفر بالله تعالى، وجعل الأنداد له بقوله:{وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً} وقوله: {وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} الآية، وأظهر أوجه الإعراب المذكورة في الآية عندي اثنان:
أحدهما: أن "أَكَابِرَ" مضاف إلى مُجْرِمِيهَا، وهو المفعول الأول لجعل التي بمعنى صير، والمفعول الثاني هو الجار والمجرور،