للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه خلاف التحقيق، كما دل على ذلك بعض الآيات القرآنية، كقوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} الآية، فأمر الله جل وعلا نبيه في آية القلم هذه بالصبر، ونهاه عن أن يكون مثل يونس؛ لأنه هو صاحب الحوت، وكقوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)}، فآية القلم وآية طه المذكورتان كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يصبر كصبرهم ليسوا جميع الرسل، والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}.

نهى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة أن يستعجل العذاب لقومه، أي يدعو الله عليهم بتعجيله لهم، فمفعول (تستعجل) محذوف تقديره: العذاب، كما قاله القرطبي، وهو الظاهر.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من النهي عن طلب تعجيل العذاب لهم جاء موضحًا في آيات آخر، كقوله تعالى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١) وقوله تعالى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيدًا (١٧)}.

فإن قوله: {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١)} وقوله: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيدًا (١٧)} موضح لمعنى قوله: وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}.

والمراد بالآيات: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن طلب تعجيل العذاب لهم؛ لأنهم معذبون لا محالة عند انتهاء المدة المحددة للإِمهال، كما يوضحه قوله تعالى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)}، وقوله تعالى {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وقوله تعالى: {قَال وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} الآية،