ومن ذلك أن موسى استعاذ من المتصف به، ولا يستعاذ إلا مما هو شر، كما في قوله: {وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِـ (٢٧)} إلى غير ذلك من نتائجه السيئة، وعواقبه الوخيمة، ويفهم من مفهوم المخالفة في الآية: أن المتواضع لله جل وعلا يرفعه الله.
وقد أشار تعالى إلى مكانة المتواضعين له عنده في مواضع أخر، كقوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (٦٣)} وقوله: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)} وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد" وقد قال الشاعر:
تواضع تكن كالبدر تبصر وجهه ... على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه ... إلى صفحات الجو وهو وضيع
وقال أبو الطيب المتنبي:
ولو لم يعل إلا ذو محل ... تعالى الجيش وانحط القتام
لم يبين هنا في سورة الأعراف الغاية التي أنظره إليها، وقد ذكرها في "الحجر" و"ص" مبيناً أن غاية ذلك الإنظار هو يوم الوقت المعلوم؛ لقوله: في سورة "الحجر" و"ص" {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨)} فقد طلب الشيطان الإنظار إلى