للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - سبب لرحمة الله تعالى سواء قلنا: إن لعل في قوله: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦)} حرف تعليل أو ترج؛ لأنها إن قلنا: إنها حرف تعليل، فإقامة الصلاة وما عطف عليه سبب لرحمة الله؛ لأن العلل أسباب شرعية، وإن قلنا: إن لعل للترجي، أي: أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة على رجائكم أن الله يرحمكم بذلك؛ لأن الله ما أطمعهم بتلك الرحمة عند عملهم بموجبها إلَّا ليرحمهم؛ لما هو معلوم من فضله وكرمه. وكون لعل هنا للترجي إنما هو بحسب علم المخلوقين كما أوضحناه في غير هذا الموضع.

وهذا الذي دلت عليه هذه الآية من أنهم إن أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطاعوا الرسول رحمهم الله بذلك جاء موضحًا في آية أخرى، وهي قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١)} الآية.

وقوله تعالى في هذه الآية: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} بعد قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} من عطف العام على الخاص؛ لأن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة داخلان في عموم قوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} وقد قدمنا مرارًا أن عطف العام على الخاص وعكسه كلاهما من الإِطناب المقبول إذا كان في الخاص مزية ليست في غيره من أفراد العام.

• قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ}.

نهى الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يحسب، أي: يظن الذين كفروا