ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أهل النار يدعون ربهم فيها، فيقولون: ربنا أخرجنا منها، فإن عدنا إلى ما لا يرضيك بعد إخراجنا منها فإنا ظالمون، وأن الله يجيبهم بقوله: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (١٠٨)} أي: امكثوا فيها خاسئين، أي: أذلاء صاغرين حقيرين؛ لأن لفظة اخسأ إنما تقال للحقير الذليل، كالكلب ونحوه. فقوله:{اخْسَئُوا فِيهَا} أي: ذلوا فيها ماكثين في الصغار والهوان.
وهذا الخروج من النار الذي طلبوه قد بين تعالى أنهم لا ينالونه كقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧)} وقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)} وقوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} الآية، وقوله تعالى:{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} إلى غير ذلك من الآيات.