الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية. وقال في الذين كانوا يتزوجون أزواج آبائهم قبل التحريم:{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} أي: لكن ما سلف قبل التحريم فلا جناح عليكم فيه، ونظيره قوله تعالى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} وقال في الصيد قبل التحريم: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} الآية. وقال في الصلاة إلى بيت المقدس قبل نسخ استقباله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي: صلاتكم إلى بيت المقدس قبل النسخ.
ومن أصرح الأدلة في هذا المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين لما استغفروا لأقربائهم الموتى من المشركين وأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)} وندموا على استغفارهم للمشركين أنزل الله في ذلك: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} فصرح بأنه لا يضلهم بفعل أمر إلا بعد بيان اتقائه.
• قوله تعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا} صرح في هذه الآية الكريمة بأنه يمحق الربا، أي: يذهبه بالكلية من يد صاحبه، أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به كما قاله ابن كثير وغيره، وما ذكر هنا من محق الربا أشار إليه في مواضع أخر كقوله:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} الآية. وقوله:{قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} الآية. وقوله:{وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} كما أشار إلى ذلك ابن كثير في تفسير هذه الآية.