وذكر في موضع آخر أن المتقين أولياؤه، فهو وليهم وهم أولياؤه؛ لأنهم يوالونه بالطاعة والإِيمان، وهو يواليهم بالرحمة والجزاء، وذلك في قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)}.
ثم بين المراد بأوليائه في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)}، فقوله تعالى:{وَكَانُوا يَتَّقُونَ} كقوله في آية الجاثية هذه: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩)}.
وقد بين تعالى في آيات من كتابه أنَّه ولي المؤمنين، وأنهم أولياؤه، كقوله تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية، وقوله تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، وقوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦)}، وقوله تعالى في الملائكة:{قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدم إيضاحه بأبسط من هذا.
والبصائر جمع بصيرة، والمراد بها البرهان القاطع الذي لا يترك في الحق لبسًا، كقوله تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} أي على علم ودليل واضح.
والمعنى: أن هذا القرآن براهين قاطعة، وأدلة ساطعة، على أن الله هو المعبود وحده، وأن ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - حق.