وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن القرآن بصائر للناس، جاء موضحًا في مواضع أخر من كتاب الله، كقوله تعالى في أخريات الأعراف: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)}، وقوله تعالى في الأنعام: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيهَا وَمَا أَنَا عَلَيكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤)}.
وما تضمنته آية الجاثية من أن القرآن بصائر وهدى ورحمة، ذكر تعالى مثله في سورة القصص عن كتاب موسى الذي هو التوراة في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣)}.
وما تضمنته آية الجاثية هذه من كون القرآن هدى ورحمة جاء موضحًا في غير هذا الموضع.
أما كونه هدى فقد ذكرنا الآيات الموضحة له قريبًا.
وأما كونه رحمة فقد ذكرنا الآيات الموضحة له في الكهف في الكلام على قوله تعالى:{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَينَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا}، وفي أولها في الكلام على قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}، وفي فاطر في الكلام على قوله تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}، وفي الزخرف في الكلام على قوله:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠)}، أي لأنهم هم المنتفعون به.
وفي هذه الآية الكريمة سؤال عربي معروف.
وهو أن المبتدأ الذي هو قوله:{هَذَا} اسم إشارة إلى مذكر