للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا} الآية. وقوله عن الإسرائيلي الذي استغاث بموسى مرتين: {قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)}.

وأظهر الأقوال عندي في معنى قوله: (وأنت من الكافرين) أن المراد به كفر النعمة، يعني أنعمنا عليك بتربيتنا إياك صغيرًا، وإحساننا إليك تتقلب في نعمتنا، فكفرت نعمتنا، وقابلت إحساننا بالإساءة؛ لقتلك نفسًا منا. وباقي الأقوال تركناه؛ لأن هذا أظهرها عندنا.

وقال بعض أهل العلم: رد موسى على فرعون امتنانه عليه بالتربية بقوله {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٢)} يعني تعبيدك لقومي، وإهانتك لهم لا يعتبر معه إحسانك إلى؛ لأني رجل واحد منهم. والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)}.

أي: قال موسى مجيبًا لفرعون: فعلتها إذًا، أي: إذ فعلتها وأنا في ذلك الحين من الضالين، أي: قبل أن يوحي الله إلي، ويبعثني رسولًا. وهذا هو التحقيق إن شاء الله في معنى الآية.

وقول من قال من أهل العلم: وأنا من الضالين، أي: من الجاهلين، راجع إلى ما ذكرنا؛ لأنه بالنسبة إلى ما علمه الله من الوحي يعتبر قبله جاهلًا، أي: غير عالم بما أوحى الله إليه.

وقد بينا مرارًا أن في هذا الكتاب المبارك أن لفظ الضلال يطلق في القرآن وفي اللغة العربية ثلاثة إطلاقات.