لم يوجد منهم إلَّا التصديق فحسب، ثم إما أن يكونوا منافقين أو فاسقين، والمنافق والفاسق لا يخفض لهما الجناح.
والمعنى: من المؤمنين من عشيرتك وغيرهم، أي: أنذر قومك فإن اتبعوك، وأطاعوك فاخفض لهم جناحك، وإن عصوك ولم يتبعوك فتبرأ منهم، ومن أعمالهم من الشرك باللَّه وغيره. انتهى منه.
والأظهر عندي في قوله: {لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥)} أنه نوع من التوكيد يكثر مثله في القرآن العظيم، كقوله:{يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ} الآية. ومعلوم أنهم إنما يقولون بأفواههم، وقوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} ومعلوم أنهم إنما يكتبونه بأيديهم، وقوله تعالى:{وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} وقوله تعالى: {حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إلى غير ذلك من الآيات.
قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولًا، وتكون في الآية قرينة تدل على عدم صحته، وذكرنا أمثلة متعددة لذلك في الترجمة، وفيما مضى من الكتاب.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله هنا: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)} قال فيه بعض أهل العلم: المعنى: وتقلبك في أصلاب آبائك الساجدين، أي: المؤمنين باللَّه كآدم، ونوح، وإبراهيم، وإسماعيل.