قد قدمنا في سورة "بني إسرائيل" أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم؛ لأنه ينحل عند بعض أهل العلم عن مصدر وزمان، وعند بعضهم عن مصدر وزمان ونسبة؛ فالمصدر كامن في مفهومه إجماعًا، وهذا المصدر الكامن في مفهوم الفعل في حكم النكرة فيرجع ذلك إلى النكرة في سياق النفي وهي صيغة عموم عند الجمهور. فظهر أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم، وكذلك الفعل في سياق الشرط؛ لأن النكرة في سياق الشرط أيضًا صيغة عموم. وأكثر أهل العلم على ما ذكرنا من أن الفعل في سياق النفي أو الشرط من صيغ العموم، خلافًا لبعضهم فيما إذا لم يؤكد الفعل المذكور بمصدر؛ فإن أكد به فهو صيغة عموم بلا خلاف، كما أشار إلى ذلك في مراقي السعود بقوله عاطفًا على صيغ العموم:
ونحو لا شربت أو إن شربا ... واتفقوا إن مصدر قد جُلِبا
والتحقيق في هذه المسألة: أنها لا تختص بالفعل المتعدي دون اللازم، خلافًا لمن زعم ذلك، وأنه لا فرق بين التأكيد بالمصدر وعدمه؛ لإجماع النحاة على أن ذكر المصدر بعد الفعل تأكيد للفعل، والتأكيد لا ينشأ به حكم، بل هو مطلق تقوية لشيء ثابت قبل ذلك، كما هو معروف. وخلاف العلماء في عموم الفعل المذكور هل هو بدلالة المطابقة أو الالتزام؛ معروف. وإذا علمت ذلك؛ فاعلم أن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِر} الآية. يعم نفي جميع أنواع الفلاح عن الساحر، وأكد