واعلم أن كل ما عبد من دون الله، فهو طاغوت، ولا تنفع عبادة الله إلا بشرط اجتناب عبادة ما سواه، كما بينه تعالى بقوله:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} وقوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)} إلى غير ذلك من الآيات.
• قوله تعالى:{فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الأمم التي بعث فيها الرسل بالتوحيد منهم سعيد، ومنهم شقي، فالسعيد منهم يهديه الله إلى اتباع ما جاءت به الرسل، والشقي منهم يسبق عليه الكتاب فيكذب الرسل، ويكفر بما جاءوا به، فالدعوة إلى دين الحق عامة، والتوفيق للهدي خاص، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)} فقوله: {فَمِنهُم} أي: من الأمم المذكورة في قوله: {فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا} وقوله: {مَّنْ هَدَي اللَّهُ} أي: وفقه لاتباع ما جاءت به الرسل، والضمير المنصوب الذي هو رابط الصلة بالموصول محذوف؛ أي: فمنهم من هداه الله على حد قوله في الخلاصة:
والحذف عندهم كثير منجلي ... في عائد متصل إن انتصب
• بفعل أو وصف كمن نرجو يهب *
وقوله:{وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} أي: وجبت عليه ولزمته، لما سبق في علم الله من أنه يصير إلى الشقاوة. والمراد