للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١)} الآية. والمراد بالكرب العظيم في الآية: الغرق بالطوفان الذي تتلاطم أمواجه كأنها الجبال العظام. كما قال تعالى: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}، وقال تعالى: {فَأَنْجَينَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات. والكرب: هو أقصى الغم، والأخذ بالنفس.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَنَجَّينَاهُ وَأَهْلَهُ} يعني إلا من سبق عليه القول من أهله بالهلاك مع الكفرة الهالكين، كما قال تعالى: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَينِ اثْنَينِ وَأَهْلَكَ إلا مَنْ سَبَقَ عَلَيهِ الْقَوْلُ} الآية. ومن سبق عليه القول منهم: ابنه المذكور في قوله: {وَحَال بَينَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)} وامرأته المذكورة في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ -إلى قوله- وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)}.

• قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيمَانَ وَكُلًّا آتَينَا حُكْمًا وَعِلْمًا}.

قوله تعالى: {وَدَاوُودَ} منصوب بـ"اذكر" مقدرًا. وقيل: معطوف قوله: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ} أي: واذكر نوحًا إذ نادى من قبل {وَدَاوُودَ وَسُلَيمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} الآية، وقوله: {إِذْ} بدل من {وَدَاوُودَ وَسُلَيمَانَ} بدل اشتمال كما أوضحناه في سورة "مريم" وذكرنا بعض المناقشة فيه، وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولًا ويكون في نفس الآية قرينة تدل على خلاف