للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفجرة في نفسها رحمة من الله، ونعمة للفريقين. ولكن الكسلان محنة على نفسه حيث حرمها ما ينفعها. ويوضح ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨)}. وقيل: كونه رحمة للكفار من حيثما إن عقوبتهم أخرت بسببه، وأمِنوا به عذابَ الاستئصال. والأول أظهر.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أنه ما أرسله إلا رحمة للعالمين؛ يدل على أنه جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم. وهذا المعنى جاء موضحًا في مواضع من كتاب الله، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)} وقوله: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيكَ الْكِتَابُ إلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} الآية.

وقد قدمنا الآيات الدالة على ذلك في سورة "الكهف" في موضعين منها. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين. قال: "إني لم أبعث لعانًا وإنما بعثت رحمة".

• قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ}.

قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي: أعرضوا وصدوا عما تدعوهم إليه {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: أعلمتكم أني حرب لكم كما أنكم حرب لي، بريء منكم كما أنتم برآء مني. وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية أشارت إليه آيات أخر، كقوله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء. وقوله تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ