للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودل هذا القضاء النبوي على جواز وطء الإماء الوثنيات بملك اليمين، فإن سبايا أوطاس لم يكن كتابيات، ولم يشترط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وطئهن إسلامهن، ولم يجعل المانع منه إلا الاستبراء فقط، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع أنهم حديثو عهد بالإسلام ويخفى عليهم حكم هذه المسألة، وحصول الإسلام من جميع السبايا وكن عدة آلاف بحيث لم يتخلف منهن عن الإسلام جارية واحدة مما يعلم أنه في غاية البعد، فإنهن لم يكرهن على الإسلام، ولم يكن لهن من البصيرة والرغبة والمحبة في الإسلام ما يقتضي مبادرتهن إليه جميعا، فمقتضى السنة وعمل الصحابة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد جواز وطء المملوكات على أي دين كن، وهذا مذهب طاوس وغيره، وقواه صاحب المغني فيه ورجح أدلته، وبالله التوفيق. اهـ. كلام ابن القيم -رحمه الله- بلفظه وهو واضح جدا.

• قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} لم يبين هنا هذا العذاب الذي على المحصنات -وهن الحرائر- الذي نصفه على الإماء- ولكنه بين في موضع آخر أنه جلد مائة بقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فيعلم منه أن على الأمة الزانية خمسين جلدة، ويلحق بها العبد الزاني فيجلد خمسين، فعموم الزانية مخصوص بنص قوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وعموم الزاني مخصوص بالقياس على المنصوص؛ لأنه لا فارق البتة بين الحرة والأمة إلا الرق، فعلم أنه سبب تشطير الجلد، فأجرى في العبد لاتصافه بالرق الذي هو مناط تشطير الجلد، وهذه الآية عند