رزقهم بقوله: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨)} أي: إذا كان الواحد منكم لا يرضي أن يكون المملوك شريكًا له مثل نفسه في جميع ما عنده، فكيف تجعلون الأوثان شركاء لله في عبادته التي هي حقه على عباده! وبين جعلهم بعض ما خلق الله من الرزق للأوثان في قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا -إلى قوله- سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦)} وقوله: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} كما تقدم.
• قوله تعالى:{وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار يقولون بألسنتهم الكذب، فيزعمون أن لهم الحسنى، والحسنى تأنيث الأحسن، قيل: المراد بها الذكور، كما تقدم في قوله: {وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧)} والحق الذي لا شك فيه: أن المراد بالحسني: هو زعمهم أنه إن كانت الآخرة حقًا فسيكون لهم فيها أحسن نصيب كما كان لهم في الدنيا. ويدل على صحة هذا القول الأخير دليلان:
أحدهما: كثرة الآيات القرآنية المبينة لهذا المعنى، كقوله تعالى عن الكافر:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} وقوله: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (٣٦)} وقوله: {وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)} وقوله: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)} وقوله: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.