الْيَقِينِ (٥)} أي: لو تعلمون علم اليقين لما أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ، وقوله:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِِ الْجِبَالُ} أي: لكان هذا القرآن، أو لكفرتم بالرحمن، ومنه في كلام العرب قول الشاعر:
فأقسم لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
أي: لو شيء أتانا رسوله سواك لدفعناه.
إذا عرفت معنى الآية فاعلم أن الله قد أوضح هذا المعنى مبينا أن الإنسان لو متع ما متع من السنين ثم انقضى ذلك المتاع، وجاءه العذاب أن ذلك المتاع الفائت لا ينفعه، ولا يغني عنه شيئا بعد انقضائه، وحلول العذاب محله. وذلك في قوله: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)} وهذه هي أعظم آية في إزالة الداء العضال الذي هو طول الأمل. كفانا الله والمؤمنين شره.
• قوله تعالى:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} الآية. ظاهر هذه الآية أن جبريل ألقى القرآن في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير سماع قراءة، ونظيرها في ذلك قوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ} الآية. ولكنه بين في مواضع أخر أن معنى ذلك أن الملك يقرأه عليه حتى يسمعه منه، فتصل معانيه إلى قلبه بعد سماعه، وذلك هو معنى تنزيله على قلبه، وذلك كما في قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} وقوله: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)}.