وقال السدي: الأشد ثلاثون سنة، وقيل: أربعون سنة، وقيل: ستون سنة، ولا يخفى أن هذه الأقوال بعيدة عن المراد بالآية كما بينا وإن جازت لغة، كما قال سحيم بن وثيل:
أخو خمسين مجتمع أشدى ... ونجذني مداورة الشئون
تنبيه
قال مالك وأصحابه: إن الرشد الذي يدفع به المال إلى من بلغ النكاح، هو حفظ المال، وحسن النظر في التصرف فيه وإن كان فاسقاً شريباً، كما أن الصالح التقي إذا كان لا يحسن النظر في المال لا يدفع إليه ماله. قال ابن عاصم المالكي في تحفته:
وشارب الخمر إذا ما ثمرا ... لما يلي من ماله لن يحجرا
وصالح ليس يجيد النظرا ... في المال إن خيف الضياع حجرا
وقال الشافعي ومن وافقه: لا يكون الفاسق العاصي رشيداً؛ لأنه لا سفه أعظم من تعريضه نفسه لسخط الله وعذابه بارتكاب المعاصي؛ والله تعالى أعلم.
• قوله تعالى:{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} أمر تعالى في هذه الآية الكريمة بإيفاء الكيل والميزان بالعدل، وذكر أن من أخل بإيفائه من غير قصد منه لذلك لا حرج عليه لعدم قصده، ولم يذكر هنا عقاباً لمن تعمد ذلك، ولكنه توعده بالويل في موضع آخر، ووبخه بأنه لا يظن البعث ليوم القيامة، وذلك في قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤)