أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعًا، وهو دليل واضح على أن كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية، وبين ذلك أيضًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} الآية، وقوله:{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} إلى غير ذلك من الآيات.
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن من لم يهده الله فلا هادي له، ولا يمكن أحدًا أن يقهر قلبه على الانشراح إلى الإيمان إلا إذا أراد الله به ذلك، وأوضح ذلك المعنى في آيات كثيرة، كقوله:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} وقوله: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} الآية، وقوله:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية، وقوله:{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ} والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًا، كما تقدم في "النساء" والظاهر أنها غير منسوخة، وأن معناها أنه لا يهدي القلوب ويوجهها إلى الخير إلا الله تعالى، وأظهر دليل على ذلك أن الله أتبعه بقوله:{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} الآية.