{جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَينِ}، وقوله:{كِلْتَا الْجَنَّتَينِ}. وعلى قراءة الإفراد راجع إلى الجنة في قوله:{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ ... } الآية.
فإن قيل: ما وجه إفراد الجنة مع أنهما جنتان؟ فالجواب: أنه قال ما ذكره الله عنه حين دخل إحداهما، إذ لا يمكن دخوله فيهما معًا في وقت واحد. وما أجاب به الزمخشري عن هذا السؤال ظاهر السقوط، كما نبه عليه أبو حيان في البحر.
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن ذلك الرجل المؤمن المضروب مثلًا للمؤمنين، الذين تكبر عليهم أولو المال والجاه من الكفار، قال لصاحبه الآخر الكافر المضروب مثلًا لذوي المال والجاه من الكفار منكرًا عليه كفره: أكفرت بالذي خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم سواك رجلًا، لأن خلقه إياه من تراب ثم من نطفة، ثم تسويته إياه رجلًا، كل ذلك يقتضي إيمانه بخالقه الذي أبرزه من العدم إلى الوجود، وجعله بشرًا سويًا، ويجعله يستبعد منه كل البعد الكفر بخالقه الذي أبرزه من العدم إلى الوجود. وهذا المعنى المبين هنا بينه في مواضع أخر، كقوله تعالى: {كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)}، وقوله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)}، وقوله تعالى: {قَال أَفَرَأَيتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلا رَبَّ الْعَالمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ