للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليجدن عنده خيرًا من الجنة التي أعطاه في الدنيا.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من جهل الكفار واغترارهم بمتاع الحياة الدنيا، وظنهم أن الآخرة كالدنيا ينعم عليهم فيها أيضًا بالمال والولد، كما أنعم عليهم في الدنيا، جاء مبينًا في آيات أخر، كقوله في "فصلت": {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} ، وقوله في "مريم": {أَفَرَأَيتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)} ، وقوله في "سبأ": {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)} ، وقوله في هذه السورة الكريمة: {فَقَال لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (٣٤)} .

وبين جل وعلا كذبهم واغترارهم فيما ادعوه من أنهم يجدون نعمة الله في الآخرة كما أنعم عليهم بها في الدنيا في مواضع كثيرة، كقوله: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)} ، وقوله: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) وقوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)} ، وقوله: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ... } الآية، وقوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)} إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله: {مُنْقَلَبًا} أي: مرجعًا وعاقبة. وانتصابه على التمييز. وقوله: {لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنْهَا} قرأه ابن عامر ونافع وابن كثير "منهما" بصيغة تثنية الضمير. وقرأه الباقون {مِنْهَا} بصيغة إفراد هاء الغائبة. فالضمير على قراءة تثنيته راجع إلى الجنتين في قوله: