للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني كثير جدًا، ومنه قول الآخر:

ألا ربما أهدت لك العين نظرة .... قصاراك منها أنَّها عنك لا تجدى

ورب في هذا الموضع قال بعضُ العلماء: للتكثير، أي: يود الكفار في أوقات كثيرة لو كانوا مسلمين، ونقل القرطبي هذا القول عن الكوفيين. قال: ومنه قول الشاعر:

• ألا ربما أهدت العين * البيت

وقال بعض العلماء: هي هنا للتقليل؛ لأنهم قالوا ذلك في بعض المواضع، لا في كلها؛ لشغلهم بالعذاب.

فإن قيل: ربما لا تدخل إلَّا على الماضي، فما وجه دخولها على المضارع في هذا الموضع؟ فالجواب أن الله تعالى لما وعد بوقوع ذلك صار ذلك الوعد للجزم بتحقيق وقوعه كالواقع بالفعل، ونظيره قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} الآية ونحوها من الآيات، فعبر بالماضي تنزيلًا لتحقيق الوقوع منزلة الوقوع بالفعل.

• قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)} هدّد الله تعالى الكفار في هذه الآية الكريمة بأمره نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتركهم يأكلون ويتمتعون، فسوف يعلمون حقيقة ما يئول إليه الأمر من شدة تعذيبهم وإهانتهم، وهددهم هذا النوع من التهديد في مواضع أخر، كقوله: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)} وقوله: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)} وقوله: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (٨)} وقوله: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣)} وقوله: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ