بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أطوار خلقه الإِنسان ونقله له، من حال إلى حال، ليدل خلقه بذلك على كمال قدرته، واستحقاقه للعبادة وحده جل وعلا. وقد أوضحنا في أول سورة الحج معنى النطفة، والعلقة، والمضغة، وبينا أقوال أهل العلم في المخلقة، وغير المخلقة، والصحيح من ذلك، وأوضحنا أحكام الحمل إذا سقط علقة، أو مضغة هل تنقضي به عدة الحامل أو لا؟ وهل تكون الأمة به أم ولد إن كان من سيدها أو لا؟ إلى غير ذلك من أحكام الحمل الساقط، ومتى يرث، ويورث، ومتى يصلي عليه، وأقوال أهل العلم في ذلك في الكلام على قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} الآيات. وسنذكر هنا ما لم نبينه هنالك مع ذكر الآيات التي لها تعلق بهذا المعنى.
أما معنى السلالة: فهي فعالة من سللت الشيء من الشيء، إذ استخرجته منه، ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
خلق البرية من سلالة منتن ... وإلى السلالة كلها ستعود
والولد سلالة أبيه كأنه انسل من ظهر أبيه.
ومنه قول حسان رضي الله عنه:
فجاءت به عضب الأديم غضنفرًا ... سلالة فرج كان غير حصين