وأن المراد بالإِحياءتين: الإِحياءة الأولى في دار الدنيا، والإِحياءة الثانية، التي هي البعث من القبور إلى الحساب، والجزاء، والخلود الأبدي الذي لا موت فيه، إما في الجنة وإما في النار.
والدليل من القرآن على أن هذا القول في الآية هو التحقيق، أن الله صرح به واضحًا في قوله جل وعلا: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)}، وبذلك تعلم أن ما سواه من الأقوال في الآية لا معوّل عليه.
والأظهر عندي أن المسوغ الذي سوغ إطلاق اسم الموت علي العلقة والمضغة مثلًا، في بطون الأمهات، أن عين ذلك الشيء الذي هو نفس العلقة والمضغة، له أطوار، كما قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤)}، {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ}، ولما كان ذلك الشيء تكون فيه الحياة في بعض الأطوار، وفي بعضها لا حياة له، صح إطلاق الموت والحياة عليه من حيث إنه شيء واحد، ترتفع عنه الحياة تارة وتكون فيه أخري.
وقد ذكر له الزمخشري مسوغًا غير هذا، فانظره إن شئت.
قد بين جل وعلا في غير هذا الموضع، أن الاعتراف بالذنب في ذلك الوقت لا ينفع، كما قال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١)}، وقال تعالى: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢)} إلى غير ذلك من الآيات.