في "الأعراف": {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} الدالان على أن سحر سحرة فرعون خيال لا حقيقة له، يعارضهما قوله في "الأعراف": {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)} لأن وصف سحرهم بالعظم يدل على أنه غير خيال. فالذي يظهر في الجواب -والله أعلم- أنهم أخذوا كثيرًا من الحبال والعصي، وخيلوا بسحرهم لأعين الناس أن الحبال والعصي تسعى وهي كثيرة. فظن الناظرون أن الأرض ملئت حيات تسعى، لكثرة ما ألقوا من الحبال والعصي فخافوا من كثرتها، وبتخييل سَعْي ذلك العدد الكثير وصف سحرهم بالعظم. وهذا ظاهر لا إشكال فيه. وقد قال غير واحد: إنهم جعلوا الزئبق على الحبال والعصي، فلما أصابها حر الشمس تحرك الزئبق فحرك الحبال والعصي، فخيل للناظرين أنها تسعى. وعن ابن عباس: أنهم كانوا اثنين وسبعين ساحرًا، مع كل ساحر منهم حبال وعصي. وقيل: كانوا أربعمائة. وقيل كانوا اثني عشر ألفًا. وقيل أربعة عشر ألفًا. وقال ابن المنكدر: كانوا ثمانين ألفًا. وقيل: كانوا مجمعين على رئيس يقال له: شمعون. وقيل: كان اسمه يوحنا معه اثني عشر نقيبًا، مع كل نقيب عشرون عريفًا، مع كل عريف ألف ساحر. وقيل: كانوا ثلاثمائة ألف ساحر من الفيوم، وثلاثمائة ألف ساحر من الصعيد وثلاثمائة ألف ساحر من الريف فصاروا تسعمائة ألف، وكان رئيسهم أعمى اهـ. وهذه الأقوال من الإسرائيليات، ونحن نتجنبها دائمًا، ونقلل من ذكرها، وربما ذكرنا قليلًا منها منبهين عليه.