أنهار الماء وأنهار الخمر التي ذكرها الله في هذه الآية بين بعض صفاتها في آيات أخرى، كقوله تعالى:{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} في آيات كثيرة، وقوله: {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١)}، وقوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١)}، وقوله: {فِيهَا عَينٌ جَارِيَةٌ (١٢)}، وقد بين تعالى من صفات خمر الجنة أنها لا تسكر شاربها، ولا تسبب له الصداع الذي هو وجع الرأس في آيات من كتابه، كقوله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩)}، وقوله: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧)}.
وقد قدمنا معنى هذه الآيات بإيضاح فِي سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} الآية.
وقوله تعالى في الآية الكريمة:{غَيرِ آسِنٍ} أي غير متغير اللون ولا الطعم. والآسن والآجن معناهما واحد، ومنه قول ذي الرمة:
ومنهل آجن قفر محاضره ... تذروا الرياح على جماته البعرا
وقول الراجز:
ومنهل فيه الغراب ميت ... كأنه من الأجون زيت
• سقيت منها القوم واستقيت *
وبما ذكرنا تعلم أن قوله:(غير آسن) كقوله: (من لبن لم يتغير طعمه).