ابتداء التأجيل من شوال، وآخره سلخ المحرم. وهذا القول غريب، وكيف يحاسبون بمدة لم يبلغهم حكمها، وإنما ظهر لهم أمرها يوم النحر، حين نادى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك؛ ولهذا قال تعالى:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ}.
يفهم من مفهوم مخالفة هذه الآية: أن المشركين إذا نقضوا العهد جاز قتالهم؛ ونظير ذلك أيضًا: قوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} وهذا المفهوم في الآيتين صرح به جل وعلا في قوله: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)}.
اختلف العلماء في المراد بالأشهر الحرم في هذه الآية.
فقال ابن جرير: إنها المذكورة في قوله تعالى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} قاله أبو جعفر الباقر.
ولكن قال ابن جرير: آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم، وحكى نحو قوله هذا علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وإليه ذهب الضحاك.
ولكن السياق يدل على أن المراد بها أشهر الإمهال المذكورة في قوله:{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}.