للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا ينبغي لمن رأى مسلمًا في حالة رثة تظهر بها عليه آثار الفقر والضعف أن يسخر منه، لهذه الآيات التي ذكرنا.

• قوله تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}.

أي لا يلمز أحدكم أخاه، كما تقدم إيضاحه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.

وقد أوعد الله جل وعلا الذين يلمزون الناس في قوله تعالى: {وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)}، والهمزة كثير الهمز للناس، واللمزة كثير اللمز.

قال بعض العلماء: الهمز يكون بالفعل، كالغمز بالعين احتقارًا وازدراءً، واللمز باللسان، وتدخل فيه الغيبة.

وقد صرح الله تعالى بالنهي عن ذلك في قوله: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}، ونفر عنه غاية التنفير في قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}، فيجب على المسلم أن يتباعد كل التباعد من الوقوع في عرض أخيه.

• قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه خلق الناس من ذكر وأنثى، ولم يبين هنا كيفية خلقه للذكر والأنثى المذكورين، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر من كتاب الله.

فبين أنه خلق ذلك الذكر الذي هو آدم من تراب، وقد بين الأطوار التي مرَّ بها ذلك التراب، كصيرورته طينًا لازبًا وحمأ مسنونًا وصلصالًا كالفخار.