المعبودات التي جعلوا لها من رزق الله نصيبًا جماد لا تعقل شيئًا. وعبر بالواو في {لَا يَعْلَمُونَ} على هذا القول لتنزيل الكفار لها منزلة العقلاء في زعمهم أنها تشفع، وتضر وتنفع.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن هذا المعنى المذكور في هذه الآية الكريمة بينه تعالى في غِير هذا الموضع، كقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (١٣٦)} وذلك أن الكفار كانوا إذا حرثوا حرثًا، أو كانت لهم ثمرة جعلوا لله منها جزءًا، وللوثن جزءًا فما جعلوا من نصيب الأوثان حفظوه، وإن اختلط به شيء مما جعلوه لله ردوه إلى نصيب الأصنام، وإن وقع شيء مما جعلوه لله في نصيب الأصنام تركوه فيه، وقالوا: الله غني والصنم فقير. وقد أقسم جل وعلا: على أنه يسألهم يوم القيامة عن هذا الافتراء والكذب، وهو زعمهم أن نصيبًا مما خلق الله للأوثان التي لا تنفع ولا تضر في قوله:{تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} وهو سؤال توبيخ وتقريع.
قوله:{وَيَجْعَلُونَ} أي: يعتقدون. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار يعتقدون أن لله بنات إناثًا. وذلك أن خزاعة وكنانة كانوا يقولون: الملائكة بنات الله، كما بينه تعالى بقوله: