وما تضمنته هذه الآية الكريمة من الاستدلال بخلق النوعين، أعني الذكر والأنثى من النطفة، جاء موضحًا في غير هذا الموضع، وأنه يستدل به على أمرين، هما: قدرة الله على البعث، وأنه ما خلق الإنسان إلَّا ليكلفه ويجازيه، وقد جمع الأمرين قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (٣٧) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣٩) أَلَيسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)}، فذكر دلالة ذلك على البعث في قوله: {أَلَيسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)}، وذكر أنه ما خلقه ليهمله من التكليف والجزاء، منكرًا على من ظن ذلك بقوله: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)} أي مهملًا من التكليف والجزاء.
وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤)}.
قد قدمنا الآيات الموضحة لما أهلك به عادًا، والآيات الموضحة لما أهلك به ثمود، في سورة فصلت في قوله تعالى في الكلام في شأن عاد:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} الآية، وقوله في شأن ثمود:{فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} الآية.