للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢)}.

قوله: (وقوم نوح) معطوف على قوله: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠)} أي: وأهلك قوم نوح، ولم يبين هنا كيفية إهلاكهم، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر من كتابه، كقوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ} الآية، وقوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١٤) وقوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧) وقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}، وقوله تعالى: {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧)}. والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون قوم نوح أظلم وأطغى، أي أشد ظلمًا وطغيانًا من غيرهم، قد بينه تعالى في آيات أخر، كقوله تعالى: {قَال رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إلا فِرَارًا (٦) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧) وقوله تعالى: {قَال نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إلا خَسَارًا (٢١) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)} إلى قوله: {وَقَدْ أَضَلُّوأ كَثِيرًا}، وقوله تعالى: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إلا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧) وقوله: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ}.

ومن أعظم الأدلة على ذلك قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلا خَمْسِينَ عَامًا}؛ لأن قومًا لم يتأثروا بدعوة نبي كريم ناصح في هذا الزمن الطويل، لا شك أنهم أظلم الناس وأطغاهم.