وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)} وقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)} وهذا المعنى في الآية مروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبي علي الفارسي، والنقاش، وأبي منصور، وغيره من المتكلمين.
الوجه الثاني في معنى الآية الكريمة؛ أن المعنى لابتغوا إلى ذي العرش سبيلًا، أي: طريقًا ووسيلة تقربهمِ إليه لاعترافهم بفضله. ويدل لهذا المعنى قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} الآية. ويروى هذا القول عن قتادة. واقتصر عليه ابن كثير في تفسيره.
ولا شك أن المعنى الظاهر المتبادر من الآية بحسب اللغة العربية هو القول الأول؛ لأن في الآية فرض المحال، والمحال المفروض الذي هو وجود ألهة مع الله مشاركة له لا يظهر معه أنها تتقرب إليه، بل تنازعه لو كانت موجودة، ولكنها معدومة مستحيلة الوجود. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير.
الأول: أن المعنى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا، أي: حائلًا وساترًا يمنعهم من تفهم القرآن وإدراكه؛ لئلا يفقهوه فينتفعوا به. وعلى هذا القول: فالحجاب المستور هو ما حجب الله به قلوبهم عن الانتفاع بكتابه. والآيات الشاهدة لهذا المعنى كثيرة، كقوله: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (٥)}