الظاهر أن (صدوا) في هذه الآية متعدية، والمفعول محذوف، أي كفروا وصدوا غيرهم عن سبيل الله، فهم ضالون مضلون.
وقد قدمنا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} الآية، أن التأسيس مقدم على التوكيد كما هو مقرر في الأصول.
و (صدوا) هنا، إن قُدِّرَتْ لازمة فمعنى الصدود الكفر، فتكون كالتوكيد لقوله:(كفروا).
وإن قدرت متعدية كان ذلك تأسيسًا؛ لأن قوله:(كفروا) يدل على كفرهم في أنفسهم، وقوله:(وصدوا) على أنه متعد يدل على أنهم حملوا غيرهم على الكفر وصدوه عن الحق. وهذا أرجح مما قبله.
وقوله تعالى في الآية الكريمة:{وَشَاقُّوا الرَّسُولَ} أي خالفوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مخالفة شديدة.
وقد دلت هذه الآية الكريمة على أمرين:
أحدهما: أن الذين كفروا وصدوا غيرهم عن الحق وخالفوه - صلى الله عليه وسلم - لن يضروا الله بكفرهم شيئًا، لأنه غني لذاته الغنى المطلق.