وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يس في الكلام على قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧)}، وفي سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{لَا يَسْمَعُونَ} أي لا يسمعون سماع قبول وانتفاع.
وقد أوضحنا ذلك بالآيات القرآنية في سورة النمل في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} الآية.
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار صرحوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم لا يستجيبون له ولا يؤمنون به، ولا يقبلون منه ما جاءهم به، فقالوا له: قلوبنا التي نعقل بها ونفهم في أكنة، أي أغطية.
والأكنة، جمع كنان، وهو الغطاء والغلاف الذي يغطي الشيء ويمنعه من الوصول إليه.
ويعنون: أن تلك الأغطية مانعة لهم من فهم ما يدعوهم إليه - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: إن في آذانهم التي يسمعون بها وقرًا، أي: ثقلًا، وهو الصمم.
وأن ذلك الصمم مانع لهم من أن يسمعوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا مما يقول، كما قال تعالى عنهم:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}.